اداب التحية
جاء
رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم، فردَّ عليه السلام
ثم جلس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (عشرة) (أي عشر حسنات) ثم جاء رجل
آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه، فجلس، فقال: (عشرون) (أي
عشرون حسنة) ثم جاء آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فردَّ
عليه، فجلس، فقال: (ثلاثون) (أي ثلاثون حسنة). [أبو داود والترمذي].
***
ذهب
النبي صلى الله عليه وسلم ليزور سعد بن عبادة -رضي الله عنه- في منزله
فوقف ( أمام باب المنزل، وقال: (السلام عليكم ورحمة الله) وكان سعد
بالداخل، فرد سعد بصوت غير مسموع، فلم يسمعه الرسول صلى الله عليه وسلم،
فأعاد صلى الله عليه وسلم التحية، فرد سعد بصوت منخفض، فأعاد صلى الله
عليه وسلم التحية للمرة الثالثة، فرد سعد بصوت منخفض، فانصرف صلى الله
عليه وسلم، فأسرع سعد وراءه، وقال: يا رسول الله، كنت أسمع تسليمك وأرد
عليك ردَّا خفيَّا لتكثر علينا السلام. [أحمد].
***
أمرنا الله -عز
وجل- بإفشاء السلام، فقال: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتًا غير
بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها} [النور: 27]. وقال تعالى: {فإذا
دخلتم بيوتًا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة }
[النور: 61]. وقال تعالى: {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها}
[النساء: 86].
كما حثنا الرسول صلى الله عليه وسلم على إلقاء السلام بقوله:
(أيها
الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصِلُوا الأرحام، وصَلُّوا بالليل
والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام) [ابن ماجه] فالتحية تجعل المجتمع يمتلئ
بالحب والوئام، قال صلى الله عليه وسلم: (لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا
تؤمنوا حتى تحابُّوا، أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا
السلام بينكم) [مسلم].
وللتحية آداب يلتزم بها كل مسلم، منها:
الالتزام
بتحية الإسلام: فالسلام تحية المسلمين، ولا يصح أن نبدلها بغيرها من
الألفاظ، مثل: (صباح الخير) أو (نهارك سعيد) قال صلى الله عليه وسلم: (خلق
الله آدم على صورته، طوله ستون ذراعًا، فلما خلقه قال: اذهب فسلم على
أولئك -نفر من الملائكة جلوس- فاستمع ما يحَيونك، فإنها تحيتك وتحية ذريتك
فقال: السلام عليكم. فقالوا: السلام عليكم ورحمة الله) [متفق عليه].
تحية
كل المسلمين: السلام حق للمسلم على أخيه المسلم، وإلقاء السلام سنة
والردُّ فرض، قال صلى الله عليه وسلم: (حق المسلم على المسلم خمس: رد
السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس)
[متفق عليه]. وسئل صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ قال: (تطعم الطعام
وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف) [متفق عليه].
رفع الصوت بالسلام: على المسلم أن يرفع صوته بالسلام، ويتلفظ بكلماته ويشير بيده إن كان من يسلم عليه بعيدًا عنه، ولا يسمع صوته.
المبادرة
بالتحية: يبدأ المسلم إخوانه بالسلام قبل أن يتكلم؛ لأن من يبدأ بالسلام
هو الأفضل عند الله، قال صلى الله عليه وسلم: (... وخيرهما الذي يبدأ
بالسلام) [مسلم]. وقال صلى الله عليه وسلم: (يسلم الصغير على الكبير،
والمار على القاعد، والقليل على الكثير) [البخاري].
رد التحية: إلقاء
السلام سنة مستحبة، أما الرد عليه فواجب، فيجب رد التحية متى أُلقيت عليه
شفاهة كانت أو كتابة، وسواء رأينا من يلْقيها أو لم نره، فعن عائشة -رضي
الله عنها- قالت: قال صلى الله عليه وسلم يومًا: (يا عائشُ، هذا جبريل
يقرئُك السلام) فقالت (وهي لم تره): وعليه السلام ورحمة الله وبركاته.
[متفق عليه].
تكرار التحية: قال صلى الله عليه وسلم: (إذا لقى أحدكم
أخاه فليسلم عليه فإن حالت بينهما شجرة أو حائط أو حجر ثم لقيه، فلْيُسلم
عليه) [أبوداود].
المصافحة عند التحية: ومن تمام التحية أن يصافح
المسلم أخاه، قال صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلمَيْن يلتقيان فيتصافحان
إلا غفر لهما قبل أن يفترقا)
[أبو داود] وإذا أمكن ابتسم في وجهه، قال صلى الله عليه وسلم: (تبسمك في وجه أخيك لك صدقة) [الترمذي].
تحية
النساء: للمسلم أن يلقي السلام على النساء، فإن كانت واحدة ويأمن على نفسه
الفتنة سلم عليها، لكن بدون مصافحة، وإلا فالأولى تركه، والأمر كذلك
بالنسبة للمرأة، فعن أسماء بنت يزيد -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله
عليه وسلم مَرَّ علينا في نسوة، فسلم علينا. [أبو داود].
تحية الصبيان:
المسلم الكبير يلقي السلام على الصبيان لإشعارهم بالود والحب فعن أنس -رضي
الله عنه- قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ على غلمان فسلم
عليهم. [مسلم].
عدم التحية في بعض المواقف: كما هو في الخلاء (دورات
المياه) وعند الأذان والإقامة وفي الصلاة، وأثناء خطبة الجمعة وعند
الاستغراق في الدعاء، وأثناء التلبية بالحج والعمرة.
تحية الجماعة:
المسلم يلقي السلام على الجماعة ما دامت في مكان واحد، ولا يخص واحدًا
منهم بالسلام دون الآخرين، بل يكون السلام عليهم جميعًا، ويمكن تمييز بعض
منهم؛ كأن يسلم التلميذ على أستاذه سلامًا خاصَّا بعد السلام على الجميع.
تحية البيت الخالي: إذا دخل المسلم بيتًا، ولم يجد فيه أحدًا، فإنه يلقي السلام قائلا: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
تحية
المغادرة والعودة: قال صلى الله عليه وسلم: (إذا انتهى أحدكم إلى مجلس
فليسلم؛ فإن بدا له أن يجلس فليجلس، ثم إذا قام فلْيسلم؛ فليست الأولى أحق
من الآخرة) [أحمد والترمذي وأبو داود]